من قلب حلب، المدينة التي تتقن فن الطهو كما تتقن زخرفة القصائد، يخرج إلينا الكعك الحلبي بماء الجبنة، تحفة نادرة من التراث الذوقي، ومزيجٌ متفرّد من البساطة والابتكار، لا يعرفه سوى من عاش دفء البيوت الحلبية الأصيلة.
يُحضَّر هذا الكعك العتيق من عجينة ناعمة تُعجن بماء الجبنة المستخلص من الأجبان البلدية الحلبية، مما يمنحه قوامًا مميزًا وطراوةً لا مثيل لها. هذا الماء، بمذاقه الرقيق ونكهته الفريدة، يضفي على العجين لمسة من الملوحة الخفيفة التي تتناغم بانسجام مع حلاوة العجينة، لتخلق تجربة ذوقية فريدة لا تُنسى.
تُنكَّه العجينة بلمحات خفيفة من المحلب وحبة البركة، وتُشكّل بأيدٍ خبيرة إلى دوائر أو ضفائر أنيقة، ثم تُخبز حتى تكتسي بحمرة خفيفة تُشبه شفق المساء. بعدها تُقدَّم كرمز للضيافة الحلبية الراقية، برفقة فنجان من القهوة أو كأس من الشاي المُعطّر.
الكعك الحلبي بماء الجبنة ليس مجرد وصفة، بل هو إرثٌ ذهبيٌّ تُنقله الجدات كما تُنقل الحكايات، ويُقدَّم في المناسبات الرفيعة كتعبير عن ذوقٍ مترف، وجذورٍ ضاربة في عمق الأصالة.
